الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

الرسالة الرابعة : اللطف الباطني

الرسالة الرابعة : اللطف الباطني
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم .. أما بعد .. أحبتي في ربي ...
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه ،
ويرزقنا عملا صالحًا يقربنا إلى حبه ، اللهم الطف بنا في تيسير كل عسير ،
فإنَّ تيسير كل عسير عليك يسير ، الهم الطف بنا وارحمنا واعفُ عنَّا
واجعلنا من أحب عبادك لك بمنك وفضلك يا أكرم من سئل .
كما تواعدنا على مذاكرة هذا المعنى النفيس في لطف الرحمن الرحيم ،
لنغرس اليقين باسمه اللطيف فنزداد له حبًا ونزداد له قربًا ،
ونتعبده بهذا الاسم واقعيًا بصورة جديدة .
قد لا تتفهموا خطورة ما يقوله ابن القيم من أول وهلة ،
ولكن والله كل من جرب وعرف الطريق إلى الله تعالى ،
وعانى فيه ، سيدرك الخطر ، فالقصة قصة قلب ،
ولطف من الله لتلك البواطن ، لو تفهمون ؟؟؟؟
قال ابن القيم في " الفوائد " :
" العبد دائما متقلب بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل ،
فهو محتاج بل مضطر إلى العون عند الأوامر ،
وإلى اللطف عند النوازل ، وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل ،
فإنْ كمل القيام بالأوامر ظاهرا وباطنا ناله اللطف ظاهرا وباطنا ،
وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر
وقلَّ نصيبه من اللطف في الباطن " أهـ
فهذا معنى
" تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة "
تعرف له بطاعتك له في الظاهر ، يلطف بك فيما خفي عليك من أمور ،
تعرف له ليس بالصلاة والصيام والذكر الذي هو من أعمال الظاهر فقط ،
بل تعرف له بخشوعك ومراقبتك له ، بتحسس قلبك ،
ولكننا للأسف لما أهملنا قلوبنا واهتممنا بظاهر الأعمال ،
غاب عنَّا اللطف الباطني ، ومن هنا نشتكي من قسوة القلب ،
والفتور والانتكاس ، وقلة الاستقامة ، ودوام زيغ القلب ،
فإذا سألت ما العلاج ، قيل لك : أن يلطف بك اللطف الباطني .
قال ابن القيم : " فإن قلت : وما اللطف الباطن ؟
فهو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة
وزوال القلق والاضطراب والجزع فيستخذى بين يدي سيده ذليلا له مستكينا ،
ناظرا إليه بقلبه ساكنا إليه بروحه وسره ،
قد شغله مشاهدة لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم ،
وقد غيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له ،
وأنه عبد محض يجري عليه سيده أحكامه ، رضى أو سخط ،
فإن رضى نال الرضا ، وإن سخط فحظه السخط ،
فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها "
يعني أن من يكون الحال مع الله تعالى ، ويعامل ربه بقلبه ،
ويكون له صلة بالله تعالى صلة خفية تحصل له تلك الألطاف الإلهية ،
فيرزقك سكون القلب واستقامته ، ويدفع عنك القساوة ،
وتراك في حال غير الحال ، ومن هنا تعرف أن الأنبياء لم يكونوا يشعرون
بشدة الابتلاء لسلامة بواطنهم ، وإن نالهم في الظاهر الأذى ، هل تفهمون ؟؟
هذه عدة إيمانية واجبة ، كيف نستنزل اللطف الباطني :
أولاً : تحسس قلبك ، وراقب ما فيه ، وليكن أعظم ما تهتم به .
ثانيًا : لا تفتر عن الدعاء ب ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )
ثالثًا : تدبر القرآن من باب تنزيله على القلب ،
واستشعار المعاني دون الاهتمام البالغ بالألفاظ لمجرد التلاوة
وأخذ الأجر ( نزل به الروح الأمين على قلبك )
فواجب عملي الآن :
تدبر سورة الفجر ، لأنها السورة التي نزل فيها فضل أيام عشر ذي الحجة ،
صلوا بها يوميًا قيام الليل من الآن فصاعدًا ،
عسى أن ينور الله قلوبنا بمعانيها وأسرارها ، فينزل اللطف من اللطيف الخبير .
رابعًا : تعلموا المناجاة كيف تكون ؟
لأنها من موجبات المعاملة الباطنة ، مناجاة في خفاء تستنزل اللطف الخفي .
استمعوا إلى حلقة ودرس : ( وقربناه نجيًا ) لتعلم كيفية ذلك .
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=353
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=260
خامسًا :تذكروا من أعظم أسباب اللطف الذل والانكسار ،
فتضاعف ما استطعت فإنَّ اللطف مع الضعف أكثر .
تنبيه :
تطالبونني بالأعمال ، وقد عودتكم على ذلك ،
ولكن بالله كم منكم يستجيب في الحال ويطبق الواجب ،
ولا يتكاسل ولا يتقاعس ، ومن منكم يبالي ولا تأخذه مشاغله ؟
ومن منكم لا يصده الكبر عن الإذعان لما يؤمر به ؟ اللهم الطف بنا
طهروا القلوب من معاصيها لتستقيم لكم أعمالكم .
محبكم في ربكم
هاني حلمي
مصدر المقال اضغط هنـــــا
الرسائل السابقة اضغط هنــــــــــــا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18

The Straight Path